قصة اليوم بعنوان :
الوردة الذابلة...انا الوردة الذابلة ، انا الحزينة ، اليائسة ، غريبة
الاطوار، صاحبة الشؤم ، كلها القاب يدعونني بها الناس لغاية يومنا هذا ومازلت اجهل
سبب قسوتهم الشديدة علي ، لم اسمع منذ زمن بعيد احد ناداني باسمي الحقيقي "
وردة " كلهم يسخرون مني وينادونني بالقاب غريبة ولكنّي اليوم قررت ان اضع حدا
لكل شئ ، حدا للسخرية مني ، حدا لاهانتي وحدا لآلامي واحزاني بمعنى آخر حدا لحياتي
... نعم حدا لحياتي التعيسة التي لم احظى بيوم سعيد فيها ، وها انا قد سئمت ويئست
من هذه الدنيا المخادعة التي لم تقدم لي الا ما هو حزين ومؤلم .......
ابلغ من العمر الآن 28 سنة لا
أتذكر ولا لحظة سعيدة قد مرّت علي ، كل من حولي سعداء وانا الحزينة الوحيدة لماذا
!!! لأني بكل بساطة فتاة طيبة وبسيطة ولكنني مكروهة من طرف الجميع ، الذنب ليس
ذنبي فهذا قدري وكنت راضية به.
كل ما أتذّكره انني صحوت على
واقع لا اريده وسط عائلة ليست بعائلتي الحقيقية تتكون من 3 افراد السيدة ، السيد
والبنت المدللة ، رغم ان هذه العائلة كان يحلم الجميع ان يكون فردا منها الاّ انا
، عشت كخادمة عندهم اخدم هذا وذاك، كنت اتسائل دوما عن سبب معاملتهم لي بهذه
القسوة الشديدة ! الا ان جاء ذلك اليوم الذي اخبرني فيه السيد والسيدة انهما ليسا
بوالداي الحقيقان كان عمري آنذاك 10 سنوات
صُدمت بالخبر بكيت وبكيت وبكيت
....ولكن ليس باليد حيلة سألتهما من انتم ؟ واين عائلتي الحقيقية؟ فاجاباني بان
عائلتي الحقيقية قد وافتهم المنية وانا بعمر السنتين وذلك اثر حادث شنيع فتبنياني
لانهما كانا محرومين من الاطفال وبعد ان جئت انا انجبت السيدة البنت المدللة
واصبحت انا الخادمة. ...
حُرمت من كل شئ في هذه الدنيا
: والداي ، الاسرة ، الحنان ، العطف والابتسامة
قد تظنونني انني ابالغ قليلا
ولكن احداث حياتي المأساوية لم تبتدئ بعد ....
توقفت عن الدراسة بسن مبكر ولم
اكمل تعليمي بسبب الاهانة التي كنت اتعرض اليها يوميا من طرف زملائي واساتذتي ...
كلهم كانوا يعتبرونني مخيفة وغريبة الاطوار لانني كنت لا اتحدث اليهم ولا اجلس
معهم ولا ابتسم حتى معهم .... فكانت نظراتهم المليئة بالسخرية والاستهزاء ترمقني
... الى ان جاء ذلك اليوم آآآه كم هو قاسي عندما رجعت من المدرسة ودموعي على خدي
ككل مرة بسبب اهانة صديقاتي لي ووجدت السيد والسيدة ينتظرونني عند عتبة المنزل
بملامح غريبة ...توقفت لبرهة لأستوعب الامر : ’’ يا الآآآهي هذه اغراضي وحاجاتي
ماذا تفعل بالخارج !!!!!! ‘‘ ... خذي اغراضك ولا تعودي الى هنا انت تسببين الاحراج
لعائلتنا ،، هذا ما قاله السيد والسيدة. توسلت اليهما وقبلت يديهما طالبة منهم ان
لا يتخلوا عني فرغم قسوتهم علي ومعاملتهم السيئة لي لكن لم يكن لدي خيارا آخر ،
ليس لي احدا غيرهم، طرداني واغلقا الباب في وجهي ... اين اذهب الآن ؟ وماذا سيحل
بي ؟ كلها تساؤلات كانت تتراود في ذهني آنذاك ، اخذت حقائبي وامضيت في طريق الجحيم
والتعاسة للابد ... كان عمري حينها 15 سنة ، نمت في الشوارع مدة اربع ليالي خائفة
من ذئاب الشوارع ، خوف ، جوع ، برد ، تعب ، جميعهم شعرت بهم في تلك الليالي
الموحشة ، حتى جائت تلك الليلة التي توقفت فيها سيارة فخمة امامي . في اول لحظة
خفت وتراجعت وطلبت من المولى ان يحميني .. حتى ارتجل من السيارة رجل طاعن في السن
هو وزوجته ليطمئنوا علي ، ولما سردت لهما قصتي شفقا علي وطلبا مني مرافقتهما لمنزلهما
الكبير وان اعيش معهما ولكن بشرط ان ارعاهما فهما ليس لديهما ابناء ، وافقت مباشرة
وليتني لم اوافق وبقيت في الشارع اهون علي ، رافقتهما الى منزلهما الفخم لم يكن
فخما فحسب بل كان اكبر من القصر بحد ذاته ، كان كل شئ فيه يلمع من الماس والذهب ..
دخلت الى قصرهم والخوف ينتابني كانت خطواتي ثقيلة جدا تكاد ان تكون منعدمة ،بعد ان
ارشداني الى غرفتي التي كانت في الطابق الاخير رحلا متمنيان لي احلاما سعيدة ، تلك
الليلة لم تغفو عيني ولو للحظة واحدة من شدّة الخوف ، كنت اسمع اصواتا مخيفة
وحركات غريبة ، بزغ الفجر وبدأت العصافير تزقزق ، توقفت الاصوات المخيفة والحركات
الغريبة فشعرت حينها براحة وغفوت قليلا ، كنت مرهقة للغاية فلم اتذوق طعم النوم
والراحة منذ اربع ليالي ، ولم اصحو الا على صراخ وضرب لو استوعب الامر في الاول
وجدت يداي مكبلتين ورجال الشرطة يسحبونني للسجن اسألهم ماذا تريدون مني ؟ ماذا
فعلت؟ يجيبني احدهم :’’ ستعرفين كل شئ بمجرد وصولك للقسم الخاص ‘‘ ، يا الآآهي لم
افعل شيئا !!! ، هل هذا كابوس ام حقيقة !!! ماان وصلنا ودخلنا الى مكتب الضابط حتى
لمحت الشيخ وزوجته الطاعنة بالسن وما ان رأتني حتى بدأت تشير باصبعها نحوي : هي يا
سيدي ... هي من سرقت مجوهراتي الثمينة ،، قلت لها : ’’ انا لم اسرق شيئا ولم اخرج
من غرفتي منذ ان دخلتها و ..... قاطعني الضابط قائلا : لا تقلقي سيدتي سوف تنال
عقابها وجزائها ..
قلت لهم : لم اسرق شيئا اقسم
بالله دعوني امضي في حال سبيلي.... صرخ الضابط وامر الاعوان بسحبي للسجن مع تحويل
قضيتي للمحكمة .... بعد اسبوع علمت انه قد حكم علي بسجن 9 سنوات مع الاشغال الشاقة
يا لها من مصيبة ... لن اصف لكم مدى الذل والقهر التي تعرضت اليه خلال تلك السنوات
، قضيت في السجن 7 سنوات وخرجت منه بعد ظهور برائتي راودني نفس الاحساس الذي شعرت
به عندما طردني السيد والسيدة من منزلهما ، وهاا قد خرجت من بوابة السجن متثاقلة
الخطوات وجدت كل شئ قد تغير ودعوت الله ان يغير حياتي للافضل كذلك سمعت احدهم
يناديني : آنستي ...آنستي ...، عرفت آنذاك ان هذه بداية لمشكلة جديدة ، التفت
فوجدت الضابط هو المنادي قلت له وانا في قمة الغضب :’’ ماذا تريد مني ؟؟؟؟؟؟؟ الم
تظهر برائتي ؟؟ لماذا تلاحقني الآن ؟؟؟
اجابني قائلا : هدئي من روعك
آنستي .. انا والحكومة مدينون لك باعتذار ولكي اعرف انك قبلت اعتذاري اقبلي بعَرضي
لكي ارجوووكي ... ‘‘ قلت له : ’’ تفضل ماهو عَرضك هذا ؟؟ قال : ان
تـــــــتـــــزوجــــيــنـــنــي !!!! صدمت بطلبه وبعد تفكير قصير وافقت وقلت عسى
مجرى حياتي قد تغير للافضل وانني سأنعم بحياة سعيدة مثلي مثل غيري ولكن لا يزال
الشؤم يلاحقني ، ما ان عقدنا قراننا واخذني الى منزله وما ان فتح الباب وجدت ثلاثة
نسوة و6 اطفال ظننت للوهلة الاولى انهم اخواته اطفالهن ، لكنه عرفني بهم وقال :’’
هذه زوجتي الجديدة ‘‘ وقال لي : ’’ وهؤلاء زوجاتي كذلك ولكل منهن ثلاثة اطفال ‘‘
،، كانت اكبر صدمة بحياتي ثم تركني وغادر الى عمله ، وانهالت علي كل منهن بالضرب
بمجرد خروجه من المنزل ، قضيت في ذلك البيت 6 سنوات اخدمهم فردا فردا ، لكنه طلقني
وطردني من المنزل قبل ساعات قليلة بحجة انني لا انجب اطفالا .....
وها انا قد وضعت اليوم حدا لحياتي المزرية وقررت ان انتحر ... نعم ان انتحر
لا اريد ان اعيش مشاكل اخرى يكفيني ما قد عشته ومررت به خلال 28 سنة ، والآن حان وقت الرحيل من عالم لا يحمل
الا القسوة والذل والاهانة ، من عالم المآسي والاحزان ، وتذكروا شابة وما عانته في حياتها .... شابة
كان الكل ضدها .... شابة اغلقت جميع الابواب في وجهها .... وتذكروا مآساة فتاة
اسمها وردة لكنها ذابلة ... .
تأليف : رجاء